شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
83252 مشاهدة
جزاء من مات على كلمة التوحيد

...............................................................................


فيقول المؤلف: الله.. الله.. يا إخواني.
دعاهم بالأخوة، تمسكوا بذلك أي: تمسكوا بتحقيق التوحيد، ومعرفة لا إله إلا الله، ومعرفة معناها، وتمسكوا بمحبتها، ومحبة أهلها، وتمسكوا بإخوانكم الذين هم أهلها، واجعلوهم إخوانكم؛ ولو كانوا من أبعد الناس، وتمسكوا ببغض أعداء الله -تعالى- واكفروا بالطواغيت، وعادوا الطواغيت وأهلها، وأبغضوا من يحبها، أو يجادل عنهم بالباطل، أو لا يكفرهم؛ فإنه قد كذب على الله وافترى، تمسكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم وأنتم لا تشركون به؛ فإنكم إذا حققتم كلمة لا إله إلا الله، وعملتم بها، وبقيتم على هذه العقيدة إلى الوفاة؛ كان في ذلك فوزا لكم؛ حيث أتتكم آجالكم وأنتم على التوحيد وعلى العقيدة، تلقون ربكم وأنتم لا تشركون بالله شيئا. ورد في الحديث: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار .
وكلمة شيئا يدخل فيها الشرك الأصغر والأكبر، ففي هذا تحذير عن مسمى الشرك؛ ولو كان من الأصغر.
ويدل على ذلك -أيضا- قوله في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة يعني: لغفرت لك خطاياك التي قاربت أن تكون قراب الأرض -أي- ما يقارب ملء الأرض. إذا ختم للإنسان بالتوحيد كان ذلك سببا في نجاته.
ودلالة التوحيد: هو كلمة لا إله إلا الله؛ ولكن إذا قالها بإخلاص وصدق، ومحبة، وعقيدة سليمة راسخة؛ فإنه -والحال هذا- يكون قد أخلص فيها لله وتنفعه، كما في قصة صاحب البطاقة، ذكر في الحديث: أنه جيء برجل للحساب فينشر له تسعة وتسعون سجلا يعني: صحيفة. كل سجل منها مد البصر، مكتوب فيها سيئاته، فيقال: أتنكر شيئا من هذا؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: ألك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: ألك حسنة؟ فيغفل ويقول: لا يا رب، فيقول الله -تعالى- بلى، إن لك عندنا حسنة. فتخرج له بطاقة مكتوبة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فيقول: يا رب، ما هذا البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقول الله: إنك لا تظلم. فتوضع البطاقة في كفة، وتوضع السجلات في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة لماذا؟ لأن هذه الشهادة ختم بها حياته في آخر عمره، وقالها بصدق وبإخلاص، وبمحبة، ولم يكن في قلبه شيء مما يفسدها؛ فلأجل ذلك صدرت عن عقيدة، فلما صدرت عن عقيدة ثقلت في الميزان؛ وإلا فليس كل من قالها يرجح ميزان حسناته، قد يوجد كثير يأتون بالشهادة مرارا؛ ومع ذلك يخف ميزانهم؛ لأنهم أضعفوا معنى لا إله إلا الله، أو أنهم قالوها لفظا بدون معنى، أو لم يعتقدوا دلالتها على حقيقة التوحيد، أو لم يخلصوا فيها؛ فلذلك أوصى بقوله -رحمه الله- تمسكوا بذلك؛ لعلكم تلقون ربكم وأنتم لا تشركون به شيئا.
ثم دعا بقوله : اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين. دعوة صادقة -أي- توفنا على الإسلام.
والإسلام الحقيقي: هو ما دلت عليه الشهادتان معنى ولفظًا، لفظا ومعنى. وليس كل من يدعي أنه مسلم يكون حقيقة من المسلمين؛ بل لا بد أن يحقق الإسلام، وأن يأتي بما يدل عليه من المعاني لفظا ومعنى.
هذه الدعوة قد ذكرها الله -تعالى- عن يوسف في قوله -عليه السلام- تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ بعد ما تم له الملك بقوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ والصالحون: هم عباد الله الذين صلحت أعمالهم، وصلحت عقائدهم، وابتعدوا عما يفسد العقائد والأعمال من الشركيات والبدع والمعاصي، وما أشبهها؛ فإنهم الصالحون الذين قرنهم الله -تعالى- بالأنبياء في قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ فمن كان مع الصالحين فإنه من أهل السعادة.
نقف هنا، نكمله -إن شاء الله- غدا.